وقيل: إن عبد الواحد لما وصل إلى باجة، أخرج إليه حنظلة رجلا من لخم فى أربعين ألف فارس. فقاتلوه بباجة شهرا فى الخنادق والوعر. ثم انهزم اللخمى إلى القيروان، وفقد ممن معه عشرين ألفا.
ونزل عبد الواحد بالأصنام من جراوة ثلاثة أميال «١» عن القيروان، وكان فى ثلاثمائة ألف «٢» . فأخرج حنظلة جميع ما فى الخزائن من السلاح، ونادى فى الناس. فكان يعطى لكل منهم درعا وخمسين دينارا. فلم يزل يفعل ذلك حتى كثر عليه الناس، فرد العطاء إلى أربعين ثم إلى ثلاثين. ولم يقدم إلا شابا قويّا. فعبأ الناس طول ليلته والشمع «٣» حوله وبين يديه. فعبأ فى تلك الليلة خمسة آلاف دارع «٤» وخمسة آلاف نابل. وأصبح وقدّم للقتال. وكسرت العرب جفون سيوفها. والتقوا واقتتلوا. ولزم الرجال الأرض وجثوا على الرّكب فانكسرت ميسرة العرب وميسرة البربر ثم كرت ميسرة العرب على ميمنة البربر. فكانت الهزيمة على البربر. وقتل عبد الواحد وأتى حنظلة برأسه فخر ساجدا لله. وقيل: إنه ما علم فى الأرض مقتلة أعظم منها قتل فيها من البربر مائة ألف وثمانون ألفا. وكانوا صفرية يستحلون الدماء وسبى النساء. ثم أتى بعكاشة أسيرا فقتله حنظلة. وكتب بذلك إلى هشام. فكان الليث بن سعد «٥» يقول: «ما غزوة كنت أحب أن أشهدها بعد غزوة بدر أحب إلى من غزوة القرن والأصنام «٦» » .