فأوقع بهم منصور وأصحابه فقتلهم. ولم يسلم منهم إلا من ألقى نفسه فى البحر فسبح. وأصبح منصور، فاجتمع إليه الجند. وكان عامل زيادة الله على تونس إسماعيل بن سفيان ابن سالم «١» من أهل بيت زيادة الله، فقتله منصور وقتل ابنه.
فلما اتصل بزيادة الله قتل ابن عمه وولده ورجاله، جمع صناديد الجند، ووجّههم مع غلبون. وركب بنفسه مشيّعا له.
فلما ودع الجند قال لهم زيادة الله:«انظروا كيف تكونون وكيف تناصحون. فبالله أقسم إن انصرف إلىّ أحد «٢» منكم منهزما لا جعلت عقوبته إلا السيف» . فكان ذلك مما ساءت به نفوس القوم حتى هموا بالوثوب على غلبون. فمنعهم من ذلك جعفر بن معبد وقال:«لا تحملكم إساءة زيادة الله فيكم أن تغدروا بمن أحسن إليكم وفك رقابكم» . وكان غلبون يعتنى بأمر القواد عند زيادة الله. فانصرفوا عن رأيهم فيه ومضوا حتى صاروا بسبخة تونس. فكاتب القواد الذين مع غلبون منصورا وأصحابه وأعلموهم أنهم منهزمون عنه. فلما التقوا حمل منصور وأصحابه عليهم فانهزموا بأجمعهم. ثم اجتمعوا بعد الهزيمة إلى غلبون واعتذروا وحلفوا أنهم ناصحون واجتهدوا. وقالوا:«نحن لا نأمن على أنفسنا. وإن أصبت لنا ما نأمن به قدمنا إن شاء الله» . وتفرقوا