وكان أحمد إذا قيل له:«إنك تراد ويعمل عليك» . غضب على من يقول ذلك. واشتغل بالشراب كما كان أخوه فى أول أمره. وكان جماعة ممن نصر محمدا واعدوه أن ينزلوا بقصر الماء، والأمارة بينهم أن يسمعوا الطبل ويروا الشمع فى أعلى القبة. وكان أحمد قد دخل الحمام فى ذلك اليوم وأطال اللّبث فيه. وأتاه عثمان بن الربيع بعد الظهر؛ فأخبره أن أخاه يريده تلك الليلة، وأنه أعد رجالا بقصر الماء. فلم يصدق ذلك، ووجه خيلا إلى قصر الماء فلم يجدوا به أحدا. وكان الموعد المغرب، فازداد أحمد تكذيبا للأخبار وقلة الاكتراث بما يراد به.
فلما قربت صلاة المغرب، وجه محمد خادما له إلى جماعة رجال أخيه الذين كان قد جعلهم ببابه، فقال:«يقول لكم الأمير: إنى أحببت برّكم وإكرامكم، فاجتمعوا حتى أبعث إليكم طعاما وشرابا. فاجتمعوا، وبعث إليهم بطعام وشراب، فأكلوا وشربوا حتى إذا ظنّ أن الشراب قد عمل فيهم، أرسل الخادم إليهم وقال: يقول لكم الأمير: إنى قد أحببت أن أحلّى لكم سيوفكم، فمن كان عنده سيف فليأت به» . فجعلوا يتسابقون بسيوفهم طمعا فى ذلك. فلما كان رقت المغرب وغلّقت أبواب القصر، أتاهم عامر بن عمرون «١» القرشى فيمن معه. فوضعوا فيهم السيوف فقتلوهم «٢» عن آخرهم.