وولى أبا العباس محمد بن الأسود الصدينى «١» قضاء القيروان والأحكام والنظر فى العمال وجباة الأموال. فكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وكان قويا فى قضائه، شديدا على رجال السلطان، رفيقا بالضعفاء والمظلومين. ولم يكن واسع العلم، فكان يشاور العلماء، فلا يقطع حكما إلا برأى ابن عبدون «٢» القاضى. وكان يظهر القول بخلق القرآن فكرهه العامة.
ولم تطل أيام أبى العباس حتى وثب به ثلاثة من خدمه كان زيادة الله قد وضعهم عليه، فقتلوه وهو نائم. وأتوا بحداد إلى زيادة الله ليقطعوا قيده ويسلموا عليه بالإمارة. فخاف أن يكونوا دسيسا عليه من أبيه، فأبى ذلك. فمضوا إلى أبيه فقطعوا رأسه وأتوا به فى الليل.
فلما رأى ذلك أمر بقطع قيوده وخرج. وكان مقتل أبى العباس فى ليلة الأربعاء آخر شعبان «٣» سنة تسعين ومائتين. فكانت إمارته من حين خروج أبيه وإلى أن قتل سنة واحدة واثنين وخمسين يوما، ومنذ استقل بالأمر بعد أبيه تسعة أشهر وثلاثة عشر يوما «٤» .
وكان رحمه الله شجاعا بطلا عالما «٥» بالحرب، حسن النظر فى الجدل «٦» . وأستاذه فى ذلك عبد الله بن الأشج «٧» .