فدمعت عيناه وأمر بحط حمل مال عن بغل وحملها عليه «١» .
وكانت الهزيمة بلغته بعد صلاة العصر، فما أذّن مؤذن العشاء الآخرة إلا وقد رحل من رقادة «٢» . واتبعه الناس قوما بعد قوم يهتدون بالمشاعل. وأخذ طريق مصر.
وخرج عبد الله بن الصائغ بعده بثقله وحشمه وأمواله. فقصد جهة لمطة، وقد كان أعد هناك مركبا لنفسه، ليركب فيه إلى صقلية ويفارق زيادة الله خوفا على نفسه من رجاله أن يحملوه على قتله، لأنه كان معاديا لأكثرهم ورموه بمكاتبة الشيعى؛ ولم يكن كذلك.
قال: ولما علم الناس بهروب زيادة الله، أسرعوا إلى رقادة، وانتهبوا ما فيها، واحتووا على قصور زيادة الله، حتى صاروا إلى البحث عن المطامير وانتزاع حديد الأبواب وحمل الأسرّة ونقل الماعون.
وأقاموا على ذلك ستة أيام، حتى تراءت خيل الشيعى. وتخلف عن زيادة الله كثير من رجاله وعبيده وأصحاب الدواوين، فافترقوا فى البلدان.
وأما إبراهيم بن أبى الأغلب، فإنه وافى القيروان فى جماعة من انضم إليه. فلما علموا بهروب زيادة الله، تفرقوا عنه وقصد كل قوم إلى ناحيتهم. وقصد إبراهيم دار الامارة فنزل بها. ونادى مناديه بالأمان، وسكّن الناس. وأرسل إلى الفقهاء ووجوه أهل القيروان، فاجتمع على بابه خلق كثير وسلموا عليه بالإمارة. فذكر لهم أحوال