أيام القائم بأمر الله بن المهدى. قال: وأمر زيرى بإحضار البنائين والنجارين من حمزة والمسيلة وطبنة. وبعث إلى القائم بأمر الله فى طلب صناع. فبعث إليه برجل لم يكن بإفريقية أعلم منه. وأعانه بعدة كثيرة من الحديد وغيره.
وشرع زيرى فى البناء إلى أن كملت المدينة.
وكانت زناتة قد استطالت على أهل تلك الناحية من أيام بنى الأغلب ثم تزايد ضررهم فى أيام المهدي والقائم.
فلما سمع القائم ببناء زيرى هذه المدينة، حمد الله لى ذلك وقال:«مجاورة العرب خير لنا من مجاورة البربر» .
وأعانه وساعده. ثم خرج زيرى إلى طبنة والمسيلة وحمزة، فنقل منها وجوه الناس إلى مدينة آشير.
فعمرت وجاءت حصنا منيعا لا يقاتل إلا من شرقيها- يحميها عشرة من الرجال، ولو لم يكن عليها سور لاستغنت بعلوها عن السور. وفى وسطها عينان تجريان بماء عذب غزير. وامتلأت البلد بالعلماء والفقهاء والتجار.
وتسامع الناس بها. ولم يكن الناس إذ ذاك يتعاملون بالذهب والفضة وإنما بالبعير والبقرة والشاة، فضرب زيرى السكة. وبسط. العطاء فى الجند، وجعل لهم الأرزاق. فكثرت الدنانير والدراهم فى أيدي الناس.