سكته، وصار حوله جيوش عظيمة. فسار المنصور حتى وصل إلى بلاد كتامة. وتثاقل فى سيره «١» حتى دخلت سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. فلما قرب من ميلة عزم على قتل أهلها، فخرج إليه النساء والأطفال. فلما رآهم بكى وكف عنهم القتل. ونهبت العساكر كلّ ما فيها. وأمر بهدم سورها فهدم. ونقل أهلها إلى باغاية، فاجتمعوا ومضوا إليها وقد سلم لبعضهم ما خف من عين وورق وغير ذلك. فلقيهم ماكسن بن زيرى بعسكره فأخذ كل ما كان معهم.
ثم رحل المنصور إلى داخل بلد كتامة، فجعل لا يمر للكتاميين بمنزل ولا قصر ولا دار إلا أمر بهدم ذلك وتحريقه بالنار، ومعه أبو العزم وابن ميمون ينظران إلى فعله، ويقول لهما:«هؤلاء الذين زعمتما أنهم يمضون بى بحبل فى عنقى إلى مولاكما» . وكانا قد خاطباه بذلك لما اجتمعا به.
وسار حتى بلغ مدينة سطيف وبها جمعهم. فحاربهم وظفر بهم وهزمهم. وهرب أبو الفهم إلى جبل وعر. فأرسل إليه المنصور من أخذه وجاء به إليه. فأدخله إلى حرمه فضربنه ضربا شديدا حتى أشرف على الموت. ثم أمر المنصور بإخراجه وقد بقيت فيه حشاشة من الروح «٢» فنحره وشق بطنه. وأخرجت كبده فشويت وأكلت. وشرّح عبيد المنصور لحمه وأكلوه حتى لم يبق إلا عظامه.
وذلك فى يوم الثلاثاء لثلاث خلون من صفر سنة ثمان وسبعين. وقتل جماعة من وجوه كتامة، وأنزل بهم الذل والهوان. وولى بلدهم أبا زعبل