للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتهيأ للحرب. والتقوا فى يوم الأحد غرة جمادى الأولى. وكان حماد قد أسند ظهره إلى جبل بنى واطيل، وهو جبل منيع صعب المرتفى، وبينه وبين عسكر باديس الوادى، وهو واد عميق لا يطمع فى تعديته لشدة توعره وعمق قعره وصعوبة انحداره وكثرة مائه. فلما رأى باديس ذلك حمل بفرسه واقتحم الوادى. فتبعته العساكر وعدت الرجالة سباحة. فما كان إلا كرجع الطّرف حتى صاروا فى الجهة الأخرى مع عساكر حماد «١» . ثم اصطفوا واقتتلوا واشتد القتال وكثر القتل. فانكشف حماد وتفرق أصحابه عنه بعد قتال شديد.

فولّى منهزما لا يلوى على شىء، وقتل حرمه بيده. فوقف باديس عليهن وهن قتيلات. وخلص حماد فيمن ثبت معه من عبيده إلى قلعه مغيلة فى خمسمائة فرس. ولولا اشتغال الناس بالنهب لما فاتهم. وأصبح باديس فبعث فى طلب حماد فسبقهم إلى القلعة. وأراد التحصن «٢» بها إن أدركته العساكر. ثم سار عنها إلى قلعته فوصل إليها لسبع مضين من جمادى الأولى، واستعد للحصار.

وسار باديس إلى المحمدية فوصل إليها لليلتين بقيتا من الشهر.

فأتاه رسول عمه إبراهيم بالاعتذار ويذكّر باديس بما سلف لحماد من الخدمة فى دولته، وأنه هو الذى سد ثغور المغرب، وقام محاميا عن هذه الدولة كقيام الحجاج بن يوسف بدولة بنى أمية، واعترف بالخطأ. فرد عليه باديس رسله بجواب. واختلفت الرسائل إليه منهما طلبا للمدافعة. فأمر باديس بالبناء. وبذل لرجاله «٣» الأموال