فأكرمه المعز وأحسن إليه. فنهاه مؤنس أن يجعل للعرب سبيلا إلى دخول إفريقية وقال:«إنهم قوم لا طاقة لك بهم» . فقال له المعز:«هم دون ذلك» . فلما رأى مؤنس استهزاء المعز بالعرب، خرج عنه ولحق بأرض طرابلس.
وتتابعت بنورياح والأثبج وبنوعدى، فدخلوا إفريقية، وقطعوا السبيل، وعاثوا فى البلاد. وعزموا على الوصول إلى القيروان.
فقال لهم مؤنس:«ليس هذا عندى برأى. وهذا يحتاج إلى تدبير» . فقالوا:«وكيف تحب «١» أن نصنع؟» قال:«ائتونى ببساط.»
فأتوه به. فبسطه وقال لهم:«من يدخل إلى وسط هذا البساط من غير أن يمشى عليه؟» قالوا: «كيف يقدر أحد على ذلك «٢» » قال «أنا» . قالوا:«فأرنا كيف تقدر على ذلك» . فطوى البساط، وأتى إلى طرفه ففتح منه مقدار ذراع ووقف عليه. ثم فتح شيئا آخر ودخل إليه. وقال:«هكذا فاصنعوا ببلاد المغرب املكوها شيئا فشيئا حتى لا يبقى عليكم إلا القيروان فأتوها، فإنكم تملكونها» . فقال له رافع بن حماد:«صدقت يا مؤنس. والله إنك لشيخ العرب وأميرها. فقد قدمناك على أنفسنا فلسنا نقطع أمرا دونك» .
وقدم أمراء العرب إلى المعز، وهم مطرف بن كسلان، وفرح ابن أبى حسان، وزياد بن الدونية «٣» ، وفارس بن كثير، وفارس