إن كنت سالما من قول قلته أو أمر أبرمته فلا تبال، فسيدنا تميم رجل رؤوف لا يؤاخذ بقول ولا بظن» . فقال لى:«دعنى فلا قدرة لى على المقام» . فقلت له:«أنا أنظر فى هذا الأمر بالغداة إن شاء الله وأعرفك بمن تثق به من العرب» . فأخذ يدى على ذلك.
قال: فأخرج تميم كتاب ابن البعبع الذى بخطه إلى الناصر وأوقف الشريف عليه. ثم قال له:«أحضره إلى» . فمضى الشريف إليه وقال له:«سيدنا تميم أمر بحضورك معى ولا يكون إلا خيرا» فلبس ثيابه وخرجا. فلقيهما ماضى بن عكابش فقال له:«يا أبا عبد الله، الهلاليون قد وصلوا إلينا البارحة، وهذه كتب قد وصلت إليك منهم»«١» . فتناولها الشريف من يده فقال له ابن البعبع:
«استر على ستر الله عليك» . وسأله. فدخلا القصر وابن البعبع يسأله فيها. فقال:«خذها فو الله ما ينفعك أخذها» . فتناولها.
وخرج تميم إليهما فجزع ابن البعبع حتى سقطت الكتب من يده وإذا عنوان أحدها:«من الناصر بن علناس إلى شيخنا وخليلنا» فقال له تميم: «من أين هذه الكتب؟» فسكت. فقرأها تميم فوجد فيها الحجة عليه. فقال ابن البعبع:«العفو يا مولانا» . فقال «لا عفا الله عنك؟» وأمر بضرب عنقه وتغريق جثته «٢» .