فأتى إلى خادمها فقال له:«إن مولاتك صرفتنى ونقمت على مدحى لامرأة سير. ولو علمت أن ذلك يغضبها ما قلته. وقد نفدت نفقتى، وأردت بيع هذا المهر، وعزّ على أن يصير فى يد من لا يستحقه، وأنا أحب أن تعطينى مثقالين أتزود بهما إلى أهلى. وخذ المهر فأنت أحق به» . فسر الخادم وأعطاه مثقالين وأخذ المهر.
ودخل على مولاته زينب وهو فرحان. فقالت له:«ما شأنك؟» فأخبرها الخبر. فرقت للقاضى وندمت على ما فعلت به. وقالت:
«اذهب فأتنى به الساعة» . فأحضره إليها. فقالت له:«تمدح زوجة سير وتفضلها على سائر النساء، وخرجت فى وصفك لها عن الحد، وزعمت أن ليس فى الأرض أجمل منها، وما هذه منزلة القضاء «١» ولا يليق بك أن تنزل «٢» نفسك فى هذه المنزلة» . فقال ارتجالا:
أنت بالشمس لا حقه ... وهى بالأرض لاصقه
فمتى ما مدحتها ... فهى من سير طالقه
فقالت له:«يا قاضى، طلقتها منه؟» قال: «نعم، ثلاثة وثلاثة وثلاثة» . فضحكت حتى افتضحت وقالت له:«والله، لا شم «٣» لها قفا أبدا» . وكتبت إلى يوسف برده إلى القضاء، فرده.