(هـ) وأما قوس قزح وما قيل فيه. قالوا: وإنما سمى بذلك لتلوّنه.
وكان ابن عبّاس (رضى الله عنهما) يكره أن يسميه قوس قزح، ويسميه قوس الله، ويقول: قزح اسم الشيطان.
وزعم القدماء فى علة تلوّنه وتكوّنه، أنه إذا تكاثف جزء من الهواء بالبرد ثم أشرق عليه نور بعض الكواكب انصبغ ذلك الجزء، وانعطف منه الضوء إلى مايليه من الهواء، كالحمرة الصافية إذا طلعت عليها الشمس سطع نورها، وانعطف منه ألوان مختلفة إلى ما يقرب منها. وحمرته وصفرته من قبل الرّطوبة واليبس.
قالوا: وقياس ذلك النار، فإنها إذا كانت من حطب رطب، كان لونها أحمر كدرا، فإن كانت من حطب يابس، كان لونها أصفر صافيا.
وقال آخرون: القوس يحدث عن رطوبة الهواء وصقالته، حتّى يمكن أن ترسم فيه دائرة الشمس كما ترسم الأشباح فى المرايا، وتشتبك الأشعة بما يكون فيه البخار الرطب فيتولد، فيكون منها تلك الألوان. وإنما توجد دائرة على الناظر، لأن الشمس أبدا تكون فى قفاها، ولذلك ترى فى مقابلة الجهة التى تكون فيها الشمس، فترى فى المغرب إذا كانت الشمس فى المشرق، وترى فى المشرق إذا كانت فى المغرب.
وزعم بعض القدماء أن أثر القوس غير حقيقىّ، وإنما هو تخييل لا وجود له فى نفسه. وقال إن إدراكه على نحو إدراك صورة الإنسان فى المرآة من غير أن تكون منطبعة على الحقيقة فيها ولا قائمة بها. وذلك بحسب غلظ الحس الباصر، وهو لا يرى إلا أن يكون وراء السحاب الصقيل، إذ ذاك يكون كالمرآة مؤديا للبصر على نحو تأدية البلّور، إذا جعل وراءه شىء غير مشفّ، ولا يكون ذلك عن السحاب الصقيل وحده، كما لا يكون عن البلّور وحده، ولا عن غير المشفّ وحده. والله أعلم.