فى المركب. وألزم من فيه بإقامة الصلاة وقراءة القرآن حتى انتهوا إلى المهدية، وسلطانها حينئذ يحيى بن تميم بن المعز بن باديس، وذلك فى سنة خمس وخمسمائة. فنزل بمسجد وليس معه سوى ركوة «١» وعصا. فتسامع به أهل البلد فقصدوه يقرئون عليه أنواع العلوم. فكان إذا مر به المنكر أزاله وغيره. فلما كثر ذلك منه، أحضره الأمير يحيى مع جماعة من الفقهاء. فأعجبه سمته وكلامه فاحترمه وسأله الدعاء.
ثم رحل من المهدية وأقام بالمنستير مع جماعة من الصالحين «٢» مدة.
وسار إلى بجاية وفعل مثل ذلك. فأخرج منها إلى قرية بالقرب منها اسمها ملالة «٣» ، فلقيه بها عبد المؤمن. فرأى منه من النجابة والنهضة ما تفرس فيه التقدم «٤» والقيام بالأمر. فسأله عن اسمه وقبيلته. فأخبره أنه من قيس عيلان ثم من بنى سليم فقال محمد بن تومرت:«هذا الذى بشربه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: إن الله لينصر هذا الدين فى آخر الزمان برجل من قيس. فقيل: من أى قيس؟ فقال: من بنى سليم» .
واستبشر بعبد المؤمن وسرّ بلقائه. وكان مولد عبد المؤمن بمدينة