وفى سنة ثلاث وثلاثين، توجه عبد المؤمن مع الجبل «١» فى الشّعراء «٢» حتى انتهى إلى جبل كرانطة «٣» . فأقام به فى أرض صلبة بين شجر، وتاشفين قبالته فى الوطأة فى أرض لينة «٤» لا نبات بها. وكان الفصل شتاء، فتوالت الأمطار أياما كثيرة. فصار الموضع الذى فيه تاشفين وعسكره كالسباخ لا يستطيع الماشى أن ينقل فيها قدما. وقلّت الأقوات عندهم فهلكوا جوعا وبردا حتى وقدوا رماحهم وقرابيس سروجهم، وعبد المؤمن ومن معه فى تلك الأرض الصلبة والميرة تصل إليهم.
وفى ذلك الوقت سير عبد المؤمن جيشا إلى وجدة «٥» من أعمال تلمسان. وقدم عليهم أبا عبد الله محمد بن رفوا «٦» من آية خمسين.
فبلغ خبرهم إلى محمد بن يحيى متولى تلمسان. فخرج إليهم بجيش من الملثمين فالتقوا بموضع يعرف بمرج الحمر «٧» . واقتتلوا فهزمهم الموحدون. وقتل محمد بن يحيى وكثير من أصحابه، وغنم الموحدون ما معهم ورجعوا بأسلابهم إلى عبد المؤمن.