«قاتلوهم ثم انهزموا لهم» . وقال للكمين:«لا تخرجوا حتى تسمعوا الطبل» . وجلس هو على المنظرة يشاهد القتال. وتقدم أصحابه للقتال فقاتلوا وصبروا ثم انهزموا. وتبعهم أهل مراكش حتى جاوزوا الكمين ووصلوا إلى مدينة عبد المؤمن وهدموا أكثر سورها. وصاحت المصامدة ليضرب الطبل. فقال عبد المؤمن:«اصبروا حتى يخرج كل طامع من البلد» . فلما خرج أكثر أهله أمر بضرب الطبل فضرب وخرج الكمين عليهم وعطفت المصامدة. فقتلوا الملثمين كيف شاءوا وتمت الهزيمة. فمات فى زحمة الأبواب خلق كثير.
وكان شيوخ الملثمين يدبرون «١» دولة إسحاق لصغر سنه.
فاتفق أن إنسانا من جملتهم يقال له عبد الله بن أبى بكر استأمن إلى عبد المؤمن، وأطلعه على عورة البلد وضعف من فيه، وقوى طمعه فيهم. فنصب عبد المؤمن عليه المجانيق والأبراج. وفنيت الأقوات فأكلوا دوابهم، ومات من العامة بالجوع ما يزيد على مائة ألف «٢» إنسان. فجاف «٣» البلد من جثثهم.
وكان بمراكش جيش من الفرنج «٤» كان المرابطون «٥» قد استنجدوا بهم وأتوهم نجدة. فلما طال الأمر عليهم راسلوا عبد المؤمن يطلبون الأمان فأمنهم. ففتحوا له بابا من أبواب البلد يقال له باب أغمات. فدخلت عساكر عبد المؤمن بالسيف، وملكوا المدينة عنوة،