فرآهم قد خلّفوا «١» قلعة رباح وساروا عنها. فملكها «٢» وجعل فيها واليا وجندا. وسار إلى مدينة إشبيلية.
وأما الفنش فإنه حلق رأسه، ونكس صلبانه، وركب حمارا، وأقسم ألا يركب فرسا ولا بغلا حتى ينصر النصرانية. فجمع جموعا كثيرة. فبلغ الخبر إلى أبى يوسف، فأرسل إلى مراكش وغيرها من بلاد الغرب «٣» يستنفر الناس من غير إكراه. فاجتمع إليه جمع عظيم. فالتقوا فى شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
فانهزم الفرنج هزيمة قبيحة. وغنم المسلمون ما معهم من الأموال والسلاح والدواب وغير ذلك.
وتوجه أبو يوسف إلى مدينة طليطلة. فحصرها وقاتل من بها قتالا شديدا، وقطع أشجارها.
وشنّ الغارة على ما حولها من البلاد. وفتح عدة حصون، فقتل رجالها، وسبى حريمها، وهدم أسوارها، وخرب دورها. فضعفت النصرانية حينئذ وعظم أمر الإسلام بالأندلس. وعاد إلى إشبيلية فأقام بها.
فلما دخلت سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، سار إلى الفرنج وفعل مثل فعله الأول والثانى. فذل العدو واجتمعت ماوك الفرنج وراسلوه فى الصلح، فأجابهم إليه بعد امتناع. وكان عزم على أن لا يجيبهم إلى