البر مع أبى الحسن على بن أبى حفص «١» عمر بن عبد المؤمن فوصل إلى قسنطينة الهواء. ووصل الأسطول إلى بجاية. فلما اتصل خبرهم بعلى بن إسحاق «٢» ومن معه من العرب هربوا وتركوا إفريقية ودخلوا إلى الصحراء. وتمادى بعض الأسطول إلى المهدية، فقبح مقدمهم على محمد بن عبد الكريم فعله. فشكا إليه ما ناله من أبى سعيد، وقال:«أنا فى طاعة سيدنا أمير المؤمنين محمد، وما أسلم المهدية إلا له أو لمن يأمرنى بتسليمها إليه. وأما أبو سعيد فلا أسلمها إليه أبدا» .
فأرسل محمد من تسلمها منه. وعاد إلى الطاعة.
قال: وجهز محمد جماعة من العرب إلى الأندلس واحتاط. واحترز.
فأتاه جماعة رسل من ملوك الفرنج يطلبون دوام الهدنة ويشاهدون أحوال الدولة. فأنزلهم على العادة، وحضروا مجلسه فطلبوا دوام الهدنة التى كانت بينهم وبين أبيه، واستقراض مائة ألف دينار.
فقال لهم:«المال والحمد لله لدينا والرجال، ونحن نجيب إلى ذلك بشرط أن ترهنوا عندنا معاقل على المال تكون بأيدينا إلى حين الوفاء.
وإن كان هذا منكم امتحانا فالسيوف التى تعرفون ما ردّت فى أغمادها والرماح ما حصلت على أوتادها» . فانصرفوا وقد ملأ قلوبهم رعبا.
وأبقوا الهدنة على ما كانت وأعرضوا عن ذكر السلف.
قال: وخرج أقارب يحيى بن إسحاق الميورقى من ميورقة لما علموا