من يليها. فقاتلوا «١» حتى دخل المسلمون خيام أنفسهم «٢» وأيقن العدو بالظفر. فاختار المسلمون الموت، ورأوا أنه أسلم لهم وأوفر لحظوظهم، فحميت الحرب. ونادى الحسن بن عمار بأعلى صوته:«اللهم، إن بنى آدم أسلمونى فلا تسلمنى» . وحمل بمن معه حملة رجل واحد. فصاح منويل بالكفرة يقول:«أين افتخاركم بين يدى الملك؟ أين ما ضمنتم له فى هذه الشرذمة القليلة؟» . فحمى الوطيس عند ذلك. وحمل منويل وقتل رجلا من المسلمين. فطعن عدة طعنات فلم تعمل فيه شيئا لحصانة ما عليه من اللباس. فحمل عليه رجل من المسلمين فطعن فرسه فعقره، وقتل. وجاءت سحابة ذات برق ورعد وظلمة، وأيد الله المسلمين «٣» بنصره. فانهزم الكفرة وركبهم المسلمون بالقتل. فمالوا إلى موضع ظنوه سهلا، فوقعوا فى الوعر، وأفضى بهم إلى حرف خندق عظيم كالحفرة من بعد قعره. فسقطوا فيها وقتل بعضهم فيها بعضا.
وامتلأت الحفرة منهم على طولها وعرضها وعمقها حتى مرت الخيل عليهم «٤» مسرعة. وحصل من بقى منهم فى مواضع وعرة وخنادق هائلة. وكانت الحرب من أول النهار إلى بعد صلاة الظهر، وتمادت هزيمة من بقى إلى الليل. وبات المسلمون يقتلونهم فى كل ناحية وأسر جماعة من أكابرهم، وغنم المسلمون من الأموال والخيل