بين أيديهم غير قصريانة وجرجنت. فحصرهما الفرنج وضيقوا على المسلمين حتى أكلوا الميتة وعدموا ما يأكلونه. فأما أهل جرجنت فسلموها إلى الفرنج فى سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وبقيت قصريانة بعد ذلك ثلاث سنين. فلما اشتد الأمر عليهم أذعنوا إلى التسليم. فتسلمها الفرنج خذلهم الله تعالى فى سنة أربع وثمانين وأربعمائة. وملك رجار جميع الجزيرة، وأسكنها الروم والفرنج مع المسلمين. ولم يترك لأحد من أهلها حماما ولا دكانا ولا طاحونا ولا فرنا.
ومات رجار بعد ذلك قبل التسعين وأربعمائة «١» ، وملك بعده ولده روجار «٢» . فسلك طريق ملوك المسلمين من الجنائب والسلاحية والجاندارية «٣» وغير ذلك. وخالف عادة الفرنج. وجعل له ديوانا للمظالم يرفّع إليه شكوى المظلومين، فينصفهم ولو من ولده، وأكرم المسلمين، ومنع عنهم الفرنج فأحبوه. وعمر أسطولا كبيرا وملك الجزائر التى بين المهدية وصقلية مثل مالطة وقوصرة وغيرهما.
وتطاولوا بعد ذلك إلى سواحل إفريقية وملكوا المهدية وغيرها. ثم استرجعت منهم على ما ذكرناه فى أخبار عبد المؤمن بن على «٤» .