طاهر إلى الإسكندرية وأخرجهم منها كما ذكرنا ذلك فى أخبار الدولة العباسية فى أيام المأمون بن الرشيد. فصالحهم على مال ونقلهم إلى جزيرة أقريطش. فعمروها وملكوا عليهم رجلا منهم «١» . وعمروا فيها أربعين قطعة. وغزوا جميع ما حولها من جزائر القسطنطينية ففتحوا أكثر الجزائر وغنموا وسبوا.
ولم يكن لملك القسطنطينية بهم قبل، فأفكر فيما يفعله معهم من المكر والخديعة. فأقبل الملك أرمانوس «٢» إلى عبد العزيز بن شعيب ابن عمر «٣» صاحب جزيرة أقريطش. وتقرب إليه بالهدايا والتحف، وأظهر له المودة والمحبة. فلما استحكمت الوصلة بينهم وتأكدت، أنفذ أرمانوس رجلا من المسلمين ومعه هدية جليلة. فلما حضر بين صاحب أقريطش وقدم الهدية، قال له:«الملك يسلم عليك ويقول لك: نحن جيران وأصدقاء «٤» ، وهؤلاء المساكين سكان الجزائر «٥» قوم ضعفاء فقراء، وقد خلا أكثرهم من خوفك، وقلوبهم تحن إلى أوطانهم. ولى ولك بهم راحة وفائدة. فإن خفّ عليك أن تحسب ما يحصل لك من غزوهم فى كل عام وأنا أضاعفه لك أضعافا، وتؤمنهم وترفع عنهم الغزو وتفسح لهم فى السفر إلى