بهما قوما من أهلك من مضر، واذا عجوز قد خرجت من كسر البيت، فقال لها:
ما وضعت؟ فان كان سقبا شاركنا في أموالنا، وإن كانت حائلا وأدناها، (معنى قوله سقبا أى ذكرا، وحائلا أى أنثى) فقالت العجوز: وضعت أنثى، فقلت: أتبيعها؟
قال: وهل تبيع الغرثب أولادها؟ قال قلت: احتكم، قال بالناقتين والجمل، قلت:
لك ذلك، على أن تبلغنى الحمل وإياها ففعل، فآمنت بك يا رسول الله، وقد صارت لى سنّة على أن أشترى كلّ موءودة بناقتين عشراوين وجمل، فعندى الى هذه الغاية ثمانون ومائتا موءودة قد أنقذتها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
لا ينفعك ذلك، لأنك لم تبتغ به وجه الله تعالى، وإن تعمل في إسلامك عملا صالحا تثب عليه؛ ففى ذلك يقول الفرزدق مفتخرا
وجدى الذى منع الوائدين ... وأحيى الوئيد فلم توءد!
وممن قتلهم خشية العار: قيس بن عاصم المنقرىّ وكان من وجوه قومه ومن ذوى الأموال فيهم وكان يئد بناته وسبب ذلك: أن النعمان بن المنذر لما منعته بنو تميم الإتاوة التى كانت تؤدّيها له جهّز اليهم أخاه الريّان بن المنذر، ومعه بكر بن وائل فغزاهم، فاستاق النعم وسبى الذرارى، فوفدت اليه بنو تميم فلما رآها أحب البقاء عليها، فقال النعمان
ما كان ضرّ تميما لو تعمّدها ... من فضلنا ما عليه قيس غيلان
فأناب القوم وسألوه النساء، فقال النعمان: كلّ امرأة اختارت أباها ردّت اليه وإن اختارت صاحبها تركت عليه، فكلّهن اخترن أباهن إلا ابنة لقيس بن عاصم اختارت صاحبها عمرو بن المشمرج، فنذر قيس لا يولد له ابنة إلا قتلها، فاعتلّ بهذا من وأد وزعم أنه حميّة.