أسأله عنه فوجّه اليه عبد المسيح بن حسّان بن نفيلة الغسّانىّ فقال له كسرى:
أعندك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ قال: ليخبرنى الملك فإن كان عندى منه علم، وإلّا أخبرته بمن يعلمه، فأخبره بما رآه فقال: علم ذلك عند خال لى يسكن مشارق الشام يقال له: سطيح، فأرسله كسرى اليه فورد على سطيح وقد أشفى على الموت فسلّم عليه وحيّاه فلم يحر سطيح جوابا فأنشد يقول
أصمّ أم يسمع غطريف اليمن ... أم فاز فازلمّ به شأو العنن؟
يا فاصل الخطّة أعيت من ومن ... وكاشف الكربة عن وجه الغضن
أتاك شيخ الحىّ من آل سنن ... وأمّه من آل ذئب بن حجن
رسول قيل العجم يسرى بالوسن ... لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن
يجوب في الأرض على ذات شجن ... ترفعنى وجنا وتهوى بى وجن
حتى أتى عارى الجآجى والقطن ... تلفّه في الريح بوغاء الدّمن
كأنما حثحث من حضنى ثكن
ففتح سطيح عينيه ثم قال: عبد المسيح، على جمل مشيح، أتى الى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بنى ساسان، لارتجاس الإيوان، وخمود النيران، ورؤيا الموبذان؛ رأى إبلا صعابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة وانشرت في بلاد فارس، يا عبد المسيح اذا كثرت التلاوه، وبعث صاحب الهراوه، وفاض وادى السماوه، وغاصت بحيرة ساوه، وخمدت نار فارس؛ فليس الشام لسطيح شاما، ولا بابل للفرس مقاما، يملك فيهم ملوك وملكات، بعدد الشّرفات، وكلّ ما هو آت آت؛ ثم قضى سطيح لوقته، فثار عبد المسيح الى رحله وهو يقول