موضعه الذى هو به، فإذا هو جالس في كهف ومعه جماعة من أصحابه، وذلك العين معهم أعلاهم صوتا وأشدّهم انبساطا، فلما رأى أبا هبّار خافه، فقال أبو هبار لمحمد: إنّ لى حاجة، فقام معه فأخبره الخبر، قال: فما الرأى؟ قال: أرى إحدى ثلاث، قال: وما هى؟ قال:
تدعنى أقتل هذا الرجل، قال: ما أنا بمقارف دما إلا مكرها، قال:
أثقله حديدا، وتنقله معك حيث تنقّلت، قال: وهل بنا فراغ مع الخوف والإعجال «١» ؟ قال: تشدّه وتودعه عند بعض أهلك من جهينة قال: هذه إذن، فرجعا فلم يريا الرجل، فقال محمد: أين الرجل؟
قالوا: قام بركوة فيها ماء وتوارى، فطلبوه فلم يجدوه فكأنّ الأرض التأمت عليه، وسعى على قدميه حتى اتصل بالطريق، فمرّ به أعرابى معه حمولة إلى المدينة، فقال له: فرّغ هذه الغرارة وأدخلنيها أكن عدلا لصاحبتها، ولك كذا وكذا ففعل، وحمله حتى أقدمه المدينة، ثم قدم على المنصور فأخبره الخبر كله، ونسى اسم أبى هبّار وكنيته، فقال: وبر «٢» ، فكتب أبو جعفر في طلب وبر المرّى، فحمل إليه فسأله عن قصة محمد، فحلف أنه لا يعرف من ذلك شيئا، فأمر به فضرب سبعمائة سوط، وحبس حتى مات المنصور.
ثم أحضر المنصور عقبة بن سلم الأزدى، فقال له: إنى أريدك لأمر أنا به معنى، لم أزل أرتاد له رجلا عسى أن تكونه، وإن كفيتنيه