أجبه عنه، قال: لا، إذا تقارعنا على الأحساب دعنى وإياه، ثم كتب إليه المنصور:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد بلغنى كلامك، وقرأت كتابك فإذا جل فخرك بقرابة النساء، لتضلّ به الجفاة والغوغاء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة والآباء، ولا كالعصبة «١» والأولياء، لأن الله جعل العم أبا، وبدأ به في كتابه على الوالدة الدنيا، ولو كان اختار الله لهن على قدر قرابتهنّ، لكانت آمنة أقربهنّ رحما، وأعظمهنّ حقا، وأولى من يدخل الجنة غدا، ولكن اختيار الله لخلقه على علمه فيما قضى فيهم «٢» واصطفائه لهم؛ وأمّا ما ذكرت من فاطمة أم أبى طالب وولادتها، فإن الله لم يرزق أحدا من ولدها الإسلام، لا بنتا ولا ابنا، ولو أن رجلا رزق الإسلام بالقرابة رزقه عبد الله، ولكان أولاهم بكل خير في الدنيا والآخرة، لكنّ الأمر لله يختار لدينه من يشاء، قال الله عز وجل (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)
«٣» ، ولقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم وله عمومة أربعة، فأنزل الله عز وجل (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)
«٤» ، فأنذرهم ودعاهم فأجاب اثنان أحدهما أبى، وأبى اثنان أحدهما أبوك، فقطع الله ولايتهما منه، فلم يجعل بينه وبينهما إلّا ولا ذمة ولا ميراثا؛ وزعمت أنك ابن أخف أهل النار عذابا، وابن خير الأشرار، وليس