رمضان سنة خمس وأربعين ومائة، فغنم دوابّ أولئك الجند، وصلّى بالناس الصبح بالجامع، وقصد دار الإمارة وبها سفيان متحصنا، فحضره فطلب سفيان منه الأمان، فأمّنه إبراهيم ودخل إلى الدار، ففرشوا له حصيرا فهبّت الريح فقلبته قبل أن يجلس، فتطيّر الناس لذلك، فقال إبراهيم: إنا لا نتطيّر وجلس عليه مقلوبا، وحبس القوّاد وحبس أيضا سفيان بن معاوية في القصر وقيّده بقيد خفيف، ليعلم المنصور أنه محبوس، وبلغ جعفرا ومحمدا، ابنى سليمان بن على ظهور إبراهيم، فأتيا في ستمائة رجل، فأرسل إليهما إبراهيم المضاء ابن القاسم الجزرى في خمسين رجلا فهزمهما، ونادى منادى إبراهيم:
لا يتبع منهزم ولا يذفف «١» على جريح، ومضى إبراهيم بنفسه إلى باب زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله بن العباس؛ وإليها ينسب الزينبيون من العباسيين، فنادى بالأمان وألّا يعرض لهم أحد، فصفت له البصرة ووجد في بيت ما لها ألفى ألف درهم، فقوى بذلك وفرض لأصحابه لكل رجل خمسين درهما.
فلما استقرت له البصرة أرسل المغيرة إلى الأهواز، فبلغها في مائتى رجل، وكان فيها محمد بن الحصين عاملا للمنصور، فخرج إليه في أربعة آلاف فالتقوا، فانهزم ابن الحصين ودخل المغيرة الأهواز؛ وقيل إنّما سيّر إبراهيم المغيرة إلى الأهواز بعد مسيره من البصرة إلى باخمرى، وسيّر إبراهيم إلى فارس عمرو بن سدّاد، فقدمها وبها إسماعيل وعبد الصمد ابنا على بن عبد الله بن العباس، فبلغهما دنو