للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا شجاعة، وأسروا ليلتهم وصبّحوا حسينا وهو مستريح، فثاروا بهم فى الغلس، فركب أصحاب الحسين وحملوا عليهم فانهزموا، ووضعوا فيهم السيف وأسروا منهم، فكان أوّل من أسر الهيضم العجلى، وانكشف العسكر عن يحيى وعليه جوشن، وقد تقطر «١» به فرسه، فوقف عليه ابن لخالد بن عمران يقال له خير «٢» ، فلم يعرفه وظنه من أهل خراسان لما رأى عليه الجوشن، فأمر رجلا فنزل إليه وأخذ رأسه، فعرفه رجل وسيّر الرأس إلى محمد بن عبد الله بن طاهر، وادعى قتله غير واحد، فبعث محمد الرأس إلى المستعين، فنصب بسامرّا ثم حط وسيّر إلى بغداد لينصب بها، فلم يقدر محمد بن طاهر على ذلك لكثرة من اجتمع من الناس، فلم ينصبه وخاف أن يأخذوه، فجعله في صندوق في بيت السلاح، ووجّه الحسين بن إسماعيل رؤوس من قتل ومن أسر إلى بغداد فحبسوا بها، وكتب محمد بن عبد الله فيهم فأمر بتخليتهم ودفن الرؤوس.

قال: ولما ورد الخير بقتل يحيى على محمد بن عبد الله جلس ليهنأ بذلك، فدخل عليه داود بن الهيثم الجعفرى فقال: أيها الأمير، إنّك لتهنأ بقتل رجل لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا لعزى به، فما ردّ محمد عليه شيئا، وأكثر الشعراء المراثى في يحيى، لما كان عليه من حسن السيرة والديانة، فمن ذلك قول بعضهم:

بكت الخيل شجوها بعد يحيى ... وبكاه المهند المصقول