أبان ويحيى بن محمد وسليمان ومشرق ورفيق، فوافوا البصرة فنزل بقصر القرشى على نهر يعرف بعمود ابن المنجّم، وأظهر أنّه وكيل لولد الواثق في بيع السباخ.
قال «١» : وذكر ريحان، أحد غلمان الشورجيين وهو أوّل من صحبه منهم، قال: كنت موكّلا بغلمان مولاى أنقل لهم الدقيق فأخذنى أصحابه فصاروا بى إليه، وأمرونى أن أسلّم عليه بالإمرة ففعلت، فسألنى عن الموضع الذى جئت منه فأخبرته، وسألنى عن أخبار البصرة فقلت لا علم لى، وسألنى عن غلمان الشورجيين وعن أحوالهم وما يجرى لهم فأعلمته، فدعانى إلى ما هو عليه فأجبته، فقال: إحتل فيمن قدرت عليه من الغلمان فأقبل بهم، ووعدنى أن يقوّدنى على من آتيه به، واستحلفنى ألّا أعلم أحدا بموضعه وأن أرجع إليه، وخلّى سبيلى وعدت إليه من الغد، وقد أتاه جماعة من غلمان الدبّاسين، فكتب في حريرة (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ
... الآية) «٢» ورفعها علما، وما زال يدعو غلمان أهل البصرة وهم يقبلون إليه، للخلاص من الرق والتعب، حتى اجتمع عنده خلق كثير، فخطبهم ووعدهم أن يقوّدهم ويملّكهم، وحلف لهم الأيمان ألّا يغدر بهم ولا يخذلهم، ولا يدع شيئا من الإحسان إلا أتى به إليهم، فأتاه مواليهم وبذلوا له عن كل عبد خمسة دنانير، ليسلّم إليه عبده، فبطح أصحابهم وأمر كل عبد أن يضرب مولاه أو وكيل