وأمر نصيرا بتعبئة أصحابه للمسير، فقال له: إن نهر سوق الخميس ضيّق، فأقم أنت ونسير نحن، فأبى عليه، فقال له محمد بن شعيب: إن كنت لا بدّ فاعلا فلا تكثر الشذاوات ولا الرجال فإنّ النهر ضيّق، فسار نصير بين يديه إلى فم برمساور «١» ، فوقف أبو العبّاس وتقدّمه نصير في خمس عشرة شذاة، فى نهر يؤدى إلى مدينة الشعرانىّ، التى سمّاها المنيعة في سوق الخميس، فلما غاب عنه نصير خرج جماعة كثيرة في البرّ على أبى العبّاس، فمنعوه من الوصول إلى المدينة، وقاتلوه قتالا شديدا من أوّل النهار إلى الظهر، وخفى عليه خبر نصير، وجعل الزنج يقولون: قد قتلنا نصيرا، فاغتمّ أبو العبّاس لذلك وأمر محمدا يتعرّف خبره، فسار فرآه عند سكر «٢» الزنج، وقد أحرقه وأضرم النار في مدينتهم، وهو يقاتلهم قتالا شديدا، فعاد إلى أبى العبّاس فأخبره فسرّ بذلك، وأسر نصير من الزنج جماعة كثيرة، ورجع حتى وافى أبا العبّاس، ووقف أبو العبّاس فقاتلهم فرجعوا عنه، وكمّن بعض شذاواته وأمر أن تظهر واحدة منها، فطمعوا فيها وأدركوها فعلقوا بسكّانها، فخرجت عليهم السفن الكمائن وفيها أبو العبّاس، فانهزم الزنج وغنم أبو العبّاس منهم ست سميريّات، وانهزموا لا يلوون على شىء من الخوف، ورجع أبو العبّاس إلى عسكره سالما، وخلع على الملّاحين وأحسن إليهم.