وصغار وحرّاقات وغير ذلك من أصناف السفن إلى دجلة، وأباحها أصحابه بما فيها من السلب، وكانت قيمته عظيمة، وأرسل انكلاى ابنه يطلب الأمان، وسأل أشياء فأجابه الموفّق إليها، فعلم أبوه بذلك فردّه عمّا عزم عليه، فعاد إلى الحرب ومباشرة القتال، ووجّه سليمان بن موسى الشعرانى- وهو أحد رؤساء صاحب الزنج- يطلب الأمان، فلم يجبه الموفّق إلى ذلك لما تقدّم منه من سفك الدماء والفساد، ثم اتصل به أنّ جماعة من أصحاب صاحب الزنج قد استوحشوا لذلك فأجابه وأرسل الشذا إلى موضع ذكره فخرج هو وأخوه وأهله وجماعة من قوّاده، فأرسل صاحبهم من يمنعهم من ذلك فقاتلهم ووصل إلى الموفّق فزاد في الإحسان إليه وخلع عليه وعلى من معه، وأمر باظهاره لأصحابه ليزدادوا ثقة، فلم يرجع من مكانه حتى استأمن جماعة من القوّاد، منهم شبل بن سالم، فأجابه الموفّق وأرسل إليه شذاوات فركب فيها وعياله وولده وجماعة من قوّاده، فلقيهم قوم من الزنج فقاتلهم ونجا ووصل إلى الموفّق فأحسن إليه ووصله بصلة سنيّه، وهو من قدماء أصحاب الخبيث، فعظم ذلك عليه وعلى أوليائه لما رأوا من رغبة رؤسائهم فى الأمان قال: ولما رأى الموفّق مناصحه شبل أمره أن يكفيه بعض الأمور، فسار ليلا في جمع من الزنج لم يخالطهم غيرهم إلى عسكر الزنج، فأوقع بهم وأسر منهم وقتل وعاد فأحسن إليه الموفّق وإلى أصحابه، وصار الزنج بعد هذه الوقعة لا ينامون الليل ولا يزالون يتحارسون، وأقام الموفّق ينفذ السرايا إليهم ويكيدهم ويحول بينهم وبين القوت، وأصحابه يتدرّبون في سلوك تلك المضايق التى في أرضه ويوسّعونها.