الداعى منها مائة بلغة ويطالبه بسبعمائة دينار، فلما توطأ له هذا الأمر فرض عليهم أخماس ما يملكون وما يتكسبون، وتلا عليهم قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ... )
الآية «١» فقوّموا جميع ما يملكونه من ثوب وغيره وأدّوا خمسه إليه، حتى كانت المرأة تخرج خمس ما تغزل، والرجل خمس ما يكسب، فلما تمّ ذلك له واستقرّ فرض عليهم الألفة، وهو أن يجمعوا أموالهم في موضع واحد وأن يكونوا في ذلك أسوة واحدة، لا يفضل أحد منهم صاحبه وأخاه في ملك يملكه، وتلا عليهم قوله تعالى (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً)
«٢» ، وتلا عليهم قوله تعالى (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
«٣» ، وعرّفهم أنّه لا حاجة بهم إلى أموال تكون معهم، لأنّ الأرض بأسرها ستكون لهم دون غيرهم، وقال لهم: هذه محنتكم التى امتحنتم بها ليعلم كيف تعملون، وطالبهم بشراء السلاح واعداده، وذلك كلّه في سنة ست وسبعين ومائتين.
وأقام الدعاة في كل قرية رجلا مختارا من ثقانها، يجمع عنده أموال أهل قريته من بقر وغنم وحلى ومتاع وغيره، فكان يكسو عاريهم وينفق عليهم ما يكفيهم، ولا يبقى فقيرا بينهم ولا محتاجا ضعيفا، وأخذ كل رجل منهم بالانكماش في صناعته والتكسب