إسماعيل ومحمدا ابنه من أبوابه، وفي ذلك عون لك على إبطال إمامة ولد على بن أبى طالب، عند البلوغ والرجوع إلى القول بالحق لأهله ثم لا تزال شيئا فشيئا في أبواب البلاغ السبعة، حتى تبلغ الغاية القصوى على تدريج، وكل باب يأتى يشهد للمتقدّم قبله، والمتقدّم يشهد للمتأخر.
واستعمل في أمرك الكتمان كما يوصى بنى القوم خاصّته، فقال:
استعينوا على أموركم بالكتمان، ولا تظهر أحدا على شىء ممّا تظهر عليه من هو فوقه بوجه ولا سبب، وعليك بإظهار التقشّف للعامّة والوقار عندهم، وتجنّب ما هو منكر عندهم، ولا تنبسط كل الانبساط لإخوانك البالغين كما فعل من كان قبلك فإنه أتى بالتشديد ثم حلّ الأمور، فإذا تدبّرت بهذا التدبير وسلكت طريقته فقد سلكت طريق الأنبياء وأخذت حدودهم، وعليك بعد ذلك بالاجتهاد في معالجة خفّة اليد، والأخذ بالأعين والحذق بالشعبذة، فلن يخلو من الحاجة إلى ذلك عند قوم ينسبونك بعمله إلى إقامة المعجزات، كما نسبوا قوما تقدّموا؛ وعليك بمعرفة أحاديث الأوّلين وقصصهم وطرائقهم ومذاهبهم، لتكون بيّنة أمرك في الأقاويل على قدر ما يصلح لأهل زمانك، ترشد وتوفّق ويقدّم على الأيام أمرك، ويعلو ذكرك، ويكون الداخل في أمرك بعد وفاتك أكثر من الداخل معك في حياتك، فينفع لك ولمخلفيك من بعدك بك، وعلى يديك ويدى أمثالك من أهل النجابة والعقل دعوة الحق، وتملك لك ولعقبك وذرّيتك ملكا لا ينبغى لغيرك مثله.
فهذه وصيّتى لك مشتملة على جمل من النواميس الطارقة للأنبياء على قدر عقولهم.