للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعفّة الفرج؛ وفي القرآن كنايات عدل بها عن التصريح تنزيها عن اللفظ المستهجن، كقوله تعالى: (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ)

وقال أبو عبيد: هو كناية، شبّه النساء بالحرث، وقوله تعالى: (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا)

، قيل: هو كناية عن الفروج، وفي موضع آخر: يوم (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)

، وقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ)

، وقوله تعالى: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ)

قال المفسرون: هذا تنبيه بأكل الطعام على عاقبة ما يصير اليه؛ وهو الحدث، لأن من أكل الطعام فلا بدّ أن يحدث. ثم قال:

(انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ)

وهذا من ألطف الكناية، ومنه قوله تعالى: (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) *

فالغائط: المطمئن من الأرض، وكانوا يأتونه لحاجتهم ويستترون به عن الأماكن المرتفعة. ومن لم ير الوضوء من لمس النساء جعل الملامسة هاهنا كناية عن الفعل.

ومن الكنايات في كلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم- وهو وإن كان قد ورد في الأمثال أشبه بالكناية- منها قوله صلّى الله عليه وسلم «إياكم وخضراء الدّمن» يريد بها المرأة الحسناء في المنبت السوء، وتفسير ذلك: أن الريح تجمع الدّمن، وهو البعر في البقعة من الأرض فأذا أصابه المطر نبت نبتا غضّا يهتزّ وتحته الدّمن الخبيث، يقول:

فلا تنكحوا هذه المرأة الحسناء لجمالها، ومنبتها خبيث كالدّمن؛ فإن أعراق السوء تزرع أولادها؛ وقال زفر بن الحارث

وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا!