على بعض المياه، فنشر الحلّة فلبسها فتعلّقت بسمرة فانشقّت، وفتح النّحيين فأطعم أهل الماء منهما فنقصا، ثم قدم على حىّ المرأة وهم خلوف فسألها عن أبيها وأمها وأخيها، ودفع اليها هديّتها فقالت له: أعلم مولاك أنّ أبى ذهب يقرّب بعيدا، ويبعّد قريبا، وأنّ أمّى ذهبت تشقّ النفس نفسين، وأنّ أخى ذهب يراعى الشمس، وأنّ سماءكم انشقّت، وأنّ وعاءيكم نضبا، فقدم الغلام على مولاه فأخبره، فقال: أما قولها: أنّ ابى ذهب يقرّب بعيدا ويبعّد قريبا: فإن أباها ذهب يحالف قوما على قومه، وأما قولها: ذهبت أمّى تشق النفس نفسين: فإن أمها ذهبت تقبل امرأة نفساء؛ وأما قولها: ذهب أخى يراعى الشمس: فإن أخاها في سرح له يرعاه، فهو ينتظر وجوب الشمس ليروح به، وقولها: أن سماءكم انشقّت: فإن البرد الذى بعثت به انشقّ، وأما قولها: أن وعاءيكم نضبا: فإن النّحيين نقصا؛ فاصدقنى؛ فقال: يا مولاى! إنى نزلت بماء من مياه العرب، فسألونى عن نسبى، فأخبرتهم أنى ابن عمك، ونشرت الحلّة فلبستها وتجمّلت بها، فتعلّقت بسمرة فانشقّت، وفتحت النّحيين فأطعمت منهما أهل الماء. فقال: أولى لك؛ ثم ساق مائة من الإبل، وخرج ومعه الغلام ليسقى الإبل، فعجز؛ فأعانه امرؤ القيس فرمى به الغلام في البئر، وخرج حتى أتى المرأة بالإبل فأخبرهم أنه زوجها، فقيل لها: قد جاء زوجك! فقالت: والله ما أدرى أزوجى هو أم لا؟ ولكن انحروا له جزورا وأطعموه من كرشها وذنبها، ففعلوا؛ فأكل ما أطعموه، قالت: اسقوه لبنا حازرا (وهو الحامض) فسقوه؛ فشرب، فقالت: افرشوا له عند الفرث والدم، ففرشوا له؛ فنام. فلما أصبحت أرسلت اليه: أريد أن أسألك عن ثلاث، قال: سلى عما بدا لك، فقالت: لم تختلج شفتاك؟