البلد فباتوا خارج الدرب، وخرج الناس بعيالاتهم فركبوا السفن، وباكر أبو طاهر البلد فنزل دار عبد السلام الهاشمى، وتفرّق أصحابه في البلد يقتلون من وجدوا وينهبون ما يجدون في المنازل، ويحمل ذلك إلى موضع قد أمر بجمعه فيه.
وحكى ابن الأثير في تاريخه الكامل «١»
: أن دخولهم البصرة كان في شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وأنّه وصل إليها في ألف وسبعمائة رجل، وأقام بها سبعة عشر يوما يحمل منها ما يقدر عليه من الأموال والأمتعة والنساء والصبيان، وعاد إلى بلده.
قال الشريف: وتراجع الناس فاشتغلوا بدفن من قتل، ولم يردّ كثير منهم حريمه خوفا من عود القرامطة، قال: ولما اتصل خبر هذه الحادثة بالسلطان أنفذ ابن نفيس «٢»
في عدة وعدة فسكن الناس، وولى البلد فشحن السور بالرجّالة، وتحرّز الناس وأعدوا السلاح؛ قال: وكان أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان قد قلّد أعمال الكوفة وقصر ابن هبيرة والسواد وطريق مكة، فجرى بينه وبين البورانى وقائع عظيمة حتى ردّهم عن عمله بشجاعته وإقدامه، فعمرت البلاد وأمن الناس وصلحت الطرق واستقام عزّ السلطان، فوقف القرمطى من ذلك على ما هاله، وكانت جواسيس أبى طاهر لا تنقطع عن العراق في صور مختلفة، واتّصل به أنّ أبا الهيجاء يهوّن أمره ويتمنّى أن ينتدب لحربه، فخاف ذلك ولم يأمنه.