السلطان ثمل صاحب البحر وغيره في ستة آلاف رجل، فلقى أبو طاهر الجيش فانهزموا منه، وردّت القافلة الأولى هم وعسكر الخليفة بعد أن انحدروا من العقبة، وتبعهم أبو طاهر إلى باب الكوفة وبها يومئذ جنىّ الصفوانى، كان الخليفة قد أنفذه في جيش عظيم إلى الكوفة، وبها أيضا ثمل في جيش عظيم، وأقبل أبو طاهر حتى نزل بظاهر الكوفة في يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذى القعدة، وأقبل جنىّ إلى خندق الكوفة في عشية هذا اليوم، وأهل البلد والعامّة منتشرون على الخندق، وجعفر بن ورقاء في بنى شيبان نازل على القنطرة التى على الخندق مما يلى دور بنى العبّاس، ونمل على القنطرة التى تليها، وجنىّ مما يلى ذلك من ناحية يمنة الكوفة، فناوشه الناس، وخرج أبو محمد الحسن بن يحيى بن عمر العلوى فطارد بعض فرسانه، وانكفأ أبو طاهر راجعا، وبات الناس على تلك الحال وقد قوى الطمع فيه، فلما كان الليل ورد كتاب السلطان يخاطب أبا محمد بن ورقاء في تدبير الجيش، فعمل على لقاء جنىّ الخادم ليعرّفه ذلك، فأشير عليه ألا يفعل فأبى ذلك، تم ركب يعرّف جنيّا ما كتب به إليه، فأنف جنىّ أن يكون تابعا وأسرّ ذلك في نفسه، وباكرهم القرمطى بالقتال بعد أن أضحى النهار، فدخلت الرجّالة وراء الفرسان بجيش خرس عن الكلام صمت وحركات خفيّة، والبارقة فيهم ظاهرة في ضوء الشمس، وهم يزفون عسكرهم زفا، حتى إذا وصلوا إلى عسكر السلطان مالوا على جيش ابن ورقاء وهو في ميسرة الناس، فما تمهّل بنو شيبان حتى انهزموا راجعين، فعبروا القنطرة التى على الخندق إلى جانب الكوفة وتبعوهم، فصاروا من وراء جنىّ وثمل فوضعوا السيف