للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماتت للهذلىّ أمّ ولد، فأمر المنصور الربيع بأن يعزّيه ويقول له: إن أمير المؤمنين يوجّه اليك بجارية نفيسة لها أدب وظرف تسليك عنها، وأمر لك بفرس وكسوة وصلة؛ فلم يزل الهذلىّ يتوقّعها، ونسيها المنصور، ثم حجّ ومعه الهذلىّ فقال له وهو بالمدينة:

أحبّ أن أطوف الليلة في المدينة، وأطلب من يطوف بى فقال: أنا لها يا أمير المؤمنين؛ فطاف به حتى وصل الى بيت عاتكة فقال: يا أمير المؤمنين! وهذا بيت عاتكة الذى يقول فيه الأحوص

يا بيت عاتكة الذى أتعزّل

فأنكر المنصور ذكر بيت عاتكة من غير أن يسأله عنه؛ فلما رجع أمرّ القصيدة على خاطره فاذا فيها

وأراك تفعل ما تقول وبعضهم ... مذق الحديث يقول ما لا يفعل

فتذكّر الموعد وأنجزه واعتذر اليه.

اجتمع الشعراء بباب أمير من أمراء العرب، فمرّ رجل بباز فقال رجل من بنى تميم لآخر من بنى نمير: هذا البازى! فقال النميرىّ: إنه يصيد القطا؛ عرّض الأوّل بقول جرير

أنا البازى المطلّ على نمير ... أتيح من السماء لها انصبابا

وأراد الآخر قول الطرمّاح

تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا ... ولو سلكت طرق المكارم ضلّت

قال عمر بن هبيرة الفزارىّ لأيوب بن ظبيان النميرىّ وهو يسايره: غضّ من بغلتك! فقال: إنها مكتوبة، أراد بن هبيرة قول جرير

فغضّ الطرف إنك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا