للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتشمّرت المغاربة ولم يزل القتال إلى العصر، ثم حمل ظالم ومن معه فانهزمت المغاربة وأخذهم السيف وتفرّقوا، وقتل جعفر بن فلاح ولم يعرف، واشتغلت العرب بنهب العسكر، وكانت هذه الوقعة في يوم الخميس لست خلون من ذى القعدة سنة ستين وثلاثمائة، فلما كان بعد الوقعة عثر بجعفر بن فلاح من عرفه وهو مقتول مطروح على الطريق، فاشتهر خبره في الناس، ثم نزل الحسن بن أحمد بعد الوقعة على ظاهر المزّة فجبى مالا من البلد وسار يريد الرملة، وكان جوهر القائد قد أنفذ من مصر رجلا من المغاربة يقال له سعادة بن حيّان ذكر أنّه في أحد عشر ألفا، فلما بلغ ابن حيّان أن ابن فلاح قد قتل وجاءه بعد ذلك قوم من المنهزمين فأخبروه بخبر الواقعة، تحيّر وتقطّعت به الأسباب، فلم تكن له جهة غير الدخول إلى يافا، ولم يكن له بها عدّة ولا دار، فلما دخل إليها جاءه الحسن بن أحمد فنزل عليها، واجتمعت إليه عرب الشام فنازلها وناصبها بالقتال، حتى اشتدّ الحصار وقلّ ما بها جدا، وكان يدخل إليها شىء سرا فجعل عليها حرسا، فمن وجد معه شىء من الطعام يريد الدخول به إلى يافا ضربت عنقه، فلما طال بهم الأمر أكلوا دوابّهم وجميع ما عندهم من الحيوان، ثم هلك أكثرهم من الجوع، وكان الحسن بن أحمد قد سار عن يافا نحو مصر، وخلّف على حصارها أبا المنجّى وظالما العقيلى ونزل على مصر يوم الجمعة مسّتهلّ شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وثلاثمائة، فقاتل المغاربة على الخندق الّذى لمدينتهم، وقتل كثيرا منهم خارج الخندق وحاصرهم شهورا، ثم رحل عنها إلى الأحساء ولم يعلم الناس ما كان السبب في ذلك، فلما تيقنت المغاربة أنّه قد رحل