للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنشأ الله جلّ وعز المنشآت فأبدأ الأمّهات من هيولانا، فطبعنا أنوارا وظلمة وحركة، وسكونا، فكان من حكمه السابق في عمله ما ترون من فلك دوّار، وكوكب سيّار، وليل ونهار، وما في الآفاق من آثار معجزات، وأقدار باهرات، وما في الأقطار «١» من الآثار، وما في النفوس من الأجناس والصور والأنواع، من كثيف ولطيف، وموجود ومعدوم وظاهر وباطن، ومحسوس وملموس، ودان وشاسع، وهابط وطالع كل ذلك لنا ومن أجلنا، دلالة علينا وإشارة إلينا، يهدى الله ما كان له لب سجيح، ورأى صحيح، قد سبقت له منّا الحسنى، فدان بالمعنى، ثم إنه جلّ وعلا أبرز من مكنون العلم ومخزون الحكم آدم وحوّاء أبوين ذكرا وأنثى، سببا لإنشاء البشرية «٢» ، ودلالة لاظهار القدرة القويّة الكونيّة «٣» ، وزوّج بينهما فتوالدا الأولاد، وتكاثرت الأعداد، ونحن ننقل في الأصلاب الزكيّة والأرحام الطاهرة المرضية، كلّما ضمّنا من صلب ورحم أظهر منّا قدرة وعلما وهلم جرا إلى آخر الجد الأول والأب الأفضل سيد المرسلين وإمام النبيين أحمد ومحمد صلوات الله عليه وعلى آله في كل ناد ومشهد، فحسن آلاؤه وبان غناؤه، وأباد المشركين وقصم الظالمين، وأظهر الحق واستعمل الصدق، وبان بالأحديّة ودان بالصمديّة، فعندها سقطت الأصنام وانعقد الإسلام، وظهر الإيمان وبطل السخر والقربان، وارتفع الكفر والطغيان، وخمدت بيوت