أصحاب علىّ إلى مدينة شيراز، فسقط «١» علىّ بن الحسين عن فرسه فأخذ أسيرا، وأتى به إلى يعقوب فقيّده واحتوى على ما كان في عسكره، ثم رحل من موضعه ودخل شيراز ليلا فلم يتحرّك أحد، فلمّا أصبح انتهب أصحابه دار علىّ ودور أصحابة، وأخذ ما في بيوت الأموال وجبى الخراج، ورجع إلى سجستان. وقيل إنه كان بينه وبين علىّ حرب بعد عبور النهر، وذلك أن عليا كان قد جمع عنده جمعا كثيرا من الموالى والأكراد وغيرهم، بلغت عدّتهم خمسة عشر ألفا من فارس وراجل، وعبأ أصحابه وأقبل يعقوب وعبر النهر فلما صاروا في أرض واحدة حمل يعقوب وعسكره حملة رجل واحد، وتابع الحملات حملة بعد أخرى فانهزم أصحاب علىّ، وتبعهم وهو يصيح بهم فلا يرجعون، وقتل الرجّالة قتلا ذريعا، وأقبل المنهزمون إلى باب شيراز وقت العصر، فازدحموا إلى الأبواب وتفرّقوا في نواحى فارس، وبلغ بعضهم إلى الأهواز فأمر يعقوب بالكف عنهم، وكانت القتلى منهم خمسة آلاف؛ قيل وأصاب على بن الحسين ثلاث جراحات ثم أخذ أسيرا.
ودخل يعقوب مدينة شيراز وطاف بها، ونادى بالأمان فاطمأن الناس، وعذّب على بن الحسين بأنواع العذاب، وأخذ من أمواله ألف بدرة وقيل أربعمائة، وأخذ من السلاح والأقمشة وغير ذلك مالا يحدّ، وكتب إلى الخليفة المعتز بالله بطاعته، وأهدى له هدية جليلة:
منها عشرة بزاة بيض وباز أبلق صينى ومائة منّ من المسك وغير ذلك