متّضلا به قبل اتصاله بالنّعمان، وله فيه مدائح كثيرة فاقتص الله تعالى من النّعمان ابن المنذر بعد ذلك لما حكى أنه دخل حسان بن ثابت على الجفنىّ فقال: انعم صباحا أيها الملك! السماء غطاؤك، والأرض وطاؤك، ووالدى ووالدتى فداؤك، أنّى ينافسك ابن المنذر؟ فو الله لقذالك أحسن من وجهه، ولأمّك خير من أبيه، ولظلك خير من شخصه، ولصمتك أبلغ من كلامه، ولشمالك خير من يمينه، ثم قال
قذالك أحسن من وجهه ... وأمّك خير من المنذر
ويسرى يديك اذا أعسرت ... كيمنى يديه فلا تمترى
أخذ المعنى الحسن بن هانئ فقال
بأبى أنت من غزال غرير ... بذّ حسن الوجوه حسن قفاكا
ونظر بعض الشعراء الى هذا المعنى فقال يمدح زبيدة ابنة جعفر بن أبى جعفر المنصور أم الأمين
أزبيدة ابنة جعفر ... طوبى لزائرك المثاب
تعطين من رجليك ما ... تعطى الأكفّ من الرّغاب
فلما أنشد ذلك تبادر العبيد ليوقعوا به فقالت زبيدة: كفّوا عنه فلم يرد إلّا خيرا، ومن أراد خيرا فأخطأ خير ممّن أراد شرا فأصاب، إنّه سمع الناس يقولون: قفاك أحسن من وجه غيرك، وشمالك أندى من يمين سواك، فقدّر أن هذا مثل ذاك، أعطوه ما أمل، وعرّفوه ما جهل؛ ومثله: مدح شاعر أميرا فقال
أنت الهمام ابن الهما ... م الواسع ابن الواسعه
فقال له: من أين عرفتها؟ قال: قد جرّبتها فقال: أسوأ من شعرك، ما أتيت به من عذرك!