لما ضعفت الدولة العباسية، فندب ابن مقلة الوزير إليه عمه أبا العلاء سعيد بن حمدان، وولاه الموصل، وأمره بالقبض على ناصر الدولة، فلما قرب من الموصل، خرج ناصر الدولة لتلقيه، فخالفه سعيد، ودخل البلد [ونزل]«١» داره، وقبض على خزائنه، فبلغه الخبر فرجع عجلا، ودخل الدار، وقبض على عمه، وأمر بعض الغلمان بعصر مذاكيره، فعصرت حتى مات، وذلك في شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، فاتصل الخبر بابن مقلة، فتجهز في العساكر الخليفية، وسار من بغداد إلى الموصل لخمس خلون من شعبان، وكان ناصر الدولة لدهائه ومكره لا يصافف من يقصده، فلما بلغه خبر مسير بن مقلة، رفع أمواله وخزائنه وحرمه إلى قلعة الموصل، وجعل فيها من خواص غلمانه من يدفع عنها، ثم خرج من الموصل فى عسكره، وأخرج معه كل تاجر في البلد، ولم يترك بالموصل علوفة ولا قوتا إلا رفعه إلى القلعة، فوصل الوزير بن مقلة إلى الموصل، وهى بهذه الصفة، فأقام بحال سيئة، وبعث بالعساكر مع على بن خلف بن طيّاب «٢» فى طلب ناصر الدولة، فسار خلفه ودخل ناصر الدولة إلى أرمينية، فعاد ابن طياب ولم يتبعه، وطال المقام على ابن مقلة، ونفدت الأقوات، فقلد الموصل لعلى بن خلف، وقلد جزيرة ابن عمر لما كرد الدّيلمى، وقلد عبد الله بن أبى العلاء المقتول والده نصيبين وعاد إلى بغداد، وانتهى الخبر إلى ناصر الدولة، فخرج من أرمينية، وقد أطاعه سائر ملوكها وجبى خراجها، وقصد الجزيرة