سنة ثلاثين وثلاثمائة، وزوج المتقى لله ولده أبا منصور بابنة ناصر الدولة، وضرب ناصر الدولة السكة عيادا «١» لم يضرب قبله مثله إلا السندى، وزاد على نقش السكة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم «٢» وهو أول من فعل ذلك، وأقام ببغداد ثلاثة عشر شهرا، ثم اجتمعت الأتراك، وقدّموا عليهم توزون، وهو بواسط، وسيف الدولة فى عسكره معهم، وبلغ ناصر الدولة قيام الأتراك، فسار إلى الموصل صحبة المتقى، وأمر أخاه سيف الدولة بمناصبة الأتراك، فكبسه توزون ليلا، فانهزم إلى الموصل، ثم راسل توزون المتقى في الصلح فأجاب، ورجع فكان من أمره والقبض عليه وسمله ما قدمناه.
وأقام ناصر الدولة بالموصل لا يتعرض لبغداد إلى أن ملكها معز الدولة بن بويه الديلمىّ، فتحرك إليها في جمادي الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وحاصر «٣» معز الدولة بن بويه حتى كاد يأخذه، ثم رجع عنها في صورة منهزم وامتنع من حمل المال، فتجهز معز الدولة إلى الموصل لقتاله، فرفع أمواله إلى القلعة، ولم يترك في البلد قوتا ولا علوفة البتّة وبقى في خيل جريده «٤» .
فلما قرب معز الدولة إلى الموصل فارقها ناصر الدولة، وسار فكان تارة بنصيبين «٥» وتارة بآمد، وتارة ببلد «٦» ، ونزل معز