للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامرة آهلة، فحصرها، وضيّق على من بها إلا أن المسلمين أيسوا من فتحها لما رأوا من حصانتها، فأتى من لطف الله تعالى ما لم يكن في حساب، وانهدم من السّور قطعة كبيرة لم يعلم سبب هدمها، فدخل المسلمون في المدينة، وقتلوا من أهلها ما لا يحصى كثرة، وأسروا نحوا مما قتلوا، وسارت البشائر بهذا الفتح في البلاد، وقرئ كتاب الفتح ببغداد في دار الخلافة، فبرز خط الخليفة بالثناء على ألب أرسلان، والدعاء له، فرتّب السلطان بالمدينة أميرا في عسكر جرار، وعاد عنها، وقد راسله ملك الكرج في الهدنة، وصالحه على أداء الجزية في كل سنة، وعاد السلطان إلى أصفهان، وكرمان، ثم إلى مرو، وزوج ابنة ملكشاه بابنة خاقان ملك ما وراء النهر، وزفت إليه في هذه السنة، وزوّج ابنه أرسلان شاه بابنة صاحب غزنه، فاتحد البيت السلجقى والمحمودى، واتفقت الكلمة.

وفي سنة سبع وخمسين وأربعمائة ابتدئ بعمارة المدرسة النظامية ببغداد، وكملت عمارتها في سنة تسع وخمسين، وتقرر التدريس بها للشيخ أبى اسحاق الشيرازى، فلما اجتمع الناس لحضور الدروس طلب، فلم يوجد، وكان سبب تأخره أنه لقيه صبّى، فقال: «كيف تدرس في مكان مغصوب؟» ، فلم يحضر، فلما أيس الناس من حضوره درس بها أبو نصر الصبّاغ صاحب كتاب الشامل، ثم تلطف نظام الملك بالشيخ أبى إسحاق، حتى درّس بها بعد عشرين يوما.