علّم الجود النّدى حتّى إذا ... ما حكاه علّم البأس الأسد
فله الجود مقرّ بالندى ... وله الليث مقرّ بالجلد
وقال مسلم بن الوليد وهو مما يجوز إيراده في الشجاعة والكرم
يجود بالنفس إن ضنّ الجواد بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وأول من أتى بهذا المعنى علقمة بن عبدة حيث قال
تجود بنفس لا يجاد بمثلها ... فأنت بها يوم اللّقاء خصيب
وهذا مثل قول يزيد بن أبى يزيد الشيبانى: من جاد بنفسه عند اللقاء، وبماله عند العطاء، فقد جاد بنفسيه كلتيهما. قالوا: وأجود ما قيل في ذلك قول أبى العتاهية يمدح العباس بن محمد
لو قيل للعباس يا ابن محمد ... قل «لا» وأنت مخلّد ما قالها
إن السماحة لم تزل معقولة ... حتّى حللت براحتيك عقالها
وإذا الملوك تسايرت في بلدة ... كانوا كواكبها وكنت هلالها
فلم يثبه العباس، فقال
هزرتك هزّة السيف المحلّى ... فلما أن ضربت بك انثنيت
فهبها مدحة ذهبت ضياعا ... كذبت عليك فيها وافتريت
فلما سمع العباس الأبيات غضب، وقال: والله لأجهدنّ في حتفه، قال: فمرّ أبو العتاهية بإسحاق بن العباس، وقال له إسحاق: أنشدنى شيئا من شعرك فأنشده