وقال علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه يوم صفّين، وقد قيل له: أتقائل أهل الشام بالغداة، وتظهر بالعشىّ في إزار ورداء؟ فقال: أبا لموت تخوّفوننى؟ فو الله ما أبالى، أسقطت على الموت، أم سقط الموت علىّ؛ وقال لابنه الحسن: لا تدعونّ أحدا الى المبارزة، وإن دعيت اليها فأجب، فانّ الداعى اليها باغ، وللباغى مصرع. وقال رضى الله عنه
بقية السيف أنمى عددا
يريد أن السيف اذا أسرع في أهل بيت كثر عددهم ونمى.
وقال ابن عباس رضى الله عنه: عقمت النساء أن تأتى بمثل علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، لعهدى به يوم صفّين، وعلى رأسه عمامة بيضاء، وهو يقف على شرذمة شرذمة من الناس، يحضّهم على القتال، حتى انتهى الىّ، وأنا في كنف من الناس، وفي أغيلمة من بنى عبد المطّلب، فقال: يا معشر المسلمين، تجلببوا السكينة، وكلّموا اللأمة، وأقلقوا السيوف في الأغماد، وكافحوا بالظّبا، وصلوا السيوف بالخطا، فإنكم بعين الله، ومع ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عاودوا الكرّ، واستحيوا من الفرّ، فإنه عار في الأعقاب، ونار في الحساب، وطيبوا على الحياة أنفسا، وسيروا الى الموت سيرا سجحا «١» ، ودونكم هذا الرواق الأعظم، فاصبروا، فإن الشيطان راكب صعدته، قدّموا للوثبة رجلا، وأخّروا للنكوص أخرى، فصمدا صمدا، حتى يبلغ الحقّ أجله، والله معكم، ولن تترككم اعمالكم؛ ثم صدر عنا، وهو يقرأ (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) .
وكان معاوية بن أبى سفيان يتمثل يوم صفّين بهذه الأبيات