أحدهم وخلف ولدا، أقر الإقطاع عليه: فإن كان كبيرا استبد بتدبير نفسه، وإن كان صغيرا رتب معه رجلا عاقلا يثق إليه يتولى أمره إلى أن يكبر. فكان الأجناد يقولون هذه أملاكنا يرثها الولد عن الوالد، فنحن نقاتل عليها، وكان ذلك سببا عظيما للنصر فى المشاهد والحروب. قال: وبنى أسوار مدن الشام وقلاعها، فمنها حلب وحماه وحمص ودمشق وبارين وشيزر ومنيج، وغيرها من القلاع والحصون، وأخرج عليها الأموال الكثيرة التى لا تسمح النفوس بمثلها. وبنى المدارس بحلب وحماه ودمشق وغيرها. وبنى الجوامع فى كثير من البلاد، فمنها جامعه بالموصل، إليه النهاية فى الحسن والإتقان وفوض عمارته والخرج عليه للشيخ عمر الملا، وكان من الصالحين. فقيل له إنه لا يصلح لمثل هذا العمل، فقال:
«إذا وليت بعض أصحابى من الأجناد والكتاب، أعلم أنه يظلم فى بعض الأوقات، فلا يقى عمارة الجامع بظلم رجل مسلم، وإذا وليت هذا الشيخ غلب على ظنى أنه لا يظلم، فإن ظلم كان الاثم عليه لا على» وبنى أيضا بمدينة حماه جامعا على نهر العاصى من أحسن الجوامع وأنزهها، وجدد فى غيرها من عمارة الجوامع ما كان قد تهدم بسبب زلزلة وغيرها. وبنى البيمارستانات فى البلاد، ومن أعظمها وأشهرها البيمارستان الذى بناه بدمشق، وقفه على كافة المسلمين من غنى وفقير، وبنى الربط والخانقاهات «١» للصوفية، ووقف عليها الوقوف الكثيرة، وأدر عليهم الإدرارات الصالحة.