قالوا وكان عارفا بالفقه على مذهب أبى حنيفة، وسمع الحديث وأسمعه، وكان يعظم الشريعة المطهرة، ويقف عند أحكامها، فمن ذلك أنه كان يلعب بالكرة عند دمشق، فرأى إنسانا يحدث آخر ويومئ إليه بيده، فأرسل يسأله عن حاله، فقال:«لى مع الملك العادل حكومة، وهذا غلام القاضى ليحضره إلى مجلس الحكم يحاكمنى على الملك الفلانى» فلما قيل ذلك له ألقى الجوكات من يده وخرج من الميدان وتوجه إلى القاضى كمال الدين بن الشهرزورى وأرسل إليه يقول: «انى قد جئت فى محاكمه فاسلك معى ما تسلكه مع غيرى.» فلما حضرا، ساوى خصمه وحاكمه، فلم يثبت قبله حق، وثبت الحق لنور الدين. فعند ذلك أشهد على نفسه أنه وهب الملك للذى حاكمه، وقال:«كنت أعلم أن لاحق له عندى، وإنما حضرت معه لئلا يظن بى أنى ظلمته، فحيث ظهر أن الحق لى، وهبته له» .
قال: وهو أول من بنى دار الكشف وسماها دار العدل. وكان يجلس فيها فى الأسبوع يومين، وعنده القاضى والفقهاء لفصل الحكومات بين القوى والضعيف. وكان شجاعا حسن الرأى والمكيدة فى الحرب، عارفا بأمور الأجناد. وكان إذا حضر الحرب أخذ قوسين. وتركشين «١» ، وباشر القتال بنفسه. وكان يقول:
«طالما تعرضت للشهادة فلم أدركها» .
قال: ومن أحسن الآراء ما كان يفعله مع أجناده. كان إذا توفى