للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطت أعطت يسيرا، وإن ارتجعت ارتجعت كثيرا، ولم أشكها الى أحد قبلك، ولا أعددت الانتصاف منها إلا الى فضلك، ولى مع ذمام المسألة لك، وحقّ الظّلام اليك، ذمام تأميلك، وقدم صدق في طاعتك، والذى يملأ من النّصفة يدى، ويفرغ الحقّ علىّ، حتى تكون لى محسنا، وأكون بك الى الأيام مقرّبا، أن تخلطنى بخواصّ خدمك الذين نقلتهم من حدّ الفراغ الى الشغل، ومن الخمول الى النباهة والذّكر، فإن رأيت أن تعذّبنى فقد استعديت اليك، وتنصرنى فقد عذت بك، وتوسع لى كنفك فقد أويت اليه، وتسمنى بإحسانك فقد عوّلت عليه، وتستعمل يدى ولسانى فيما يصلحان له من خدمتك، فقد درست كتب أسلافك وهم القدوة في البيان، واستضأت بآرائهم، واقتفوت آثارهم اقتفاء جعلنى بين وحشىّ الكلام وأنيسه، ووقفنى منه على جادة متوسطة، يرجع اليها العالى، ويلحق بها المقصّر التالى، فعل إن شاء الله. قال: فعل إن شاء الله! قال: فجعل عبيد الله يرددها ويستحسنها؛ ثم قال: هذا أحقّ بديوان الرسائل.

ومن الاستعطاف: ما حكى أن محمد بن الحنفيّة، جرى بينه وبين أخيه الحسين، كلام افترقا بسببه متغاضبين؛ فلما وصل محمد الى منزله، كتب الى الحسين رقعة فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإن لك شرفا لا أبلغه، وفضلا لا أدركه، أبونا علىّ، لا أفضلك فيه ولا تفضلنى، وأمّى امرأة من بنى حنيفة، وأمّك فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو كان ملء الأرض نساء مثل أمى ما وفين بأمّك، فاذا قرأت رقعتى هذه فالبس رداءك ونعليك وتعال لتترضّانى، وإياك أن أسبقك الى هذا الفضل الذى أنت أولى به منى والسلام. فلبس الحسين رداءه ونعليه وجاء الى محمد وترضّاه.