للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: وقّع جعفر بن يحيى في رقعة معتذرا: قد تقدمت طاعتك ونصيحتك، فإن ثبت منك هفوة فلن تغلب سيئة حسنتين.

وقال شاعر

إرض للسائل الخضوع وللقا ... رف ذنبا مذلّة الإعتذار

قال أبو هلال العسكرىّ: لم يرو عن أحد قبل النابغة الذبيانىّ في الاعتذار شعر؛ فمن أجود ما روى له فيه، قوله حين سعى به المنخّل اليشكرىّ الى النّعمان، وزعم أنه غشى المتجرّدة حظيّة النعمان، وذلك حين وصفها النابغة في شعره فقال

واذا لمست، لمست أخثم جاثما ... متحيّزا بمكانه ملء اليد

واذا طعنت، طعنت في مستهدف ... رابى المحبّسة بالعبير مقرمد

واذا نزعت، نزعت من مستحصف ... نزع الحزوّر بالرّشاء المحصد

فقال المنخّل للنعمان: هذا وصف من ذاقها، فوقر ذلك في نفس النعمان، ثم وفد عليه رهط من بنى سعد بن زيد مناة من بنى قريع، فأبلغوه أن النابغة ما يزال يذكرها ويصف منها، فأجمع النعمان على الإيقاع بالنابغة، فعرّفه بذلك عصام حاجب النعمان، وهو الذى قيل فيه

نفس عصام سوّدت عصاما

فانطلق النابغة الى آل غسّان وكانوا قتلوا المنذر ولد النعمان، فزادهم لحاق النابغة بهم حشمة؛ ثم اتصلت بالنعمان كثرة مدائح النابغة لهم، فحسدهم عليه وأمّنه وراسله فى المصير اليه، فأتاه وجعل يعتذر ممّا قذف به ومن مدحه لآل غسّان فقال

حلفت فلم أترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب