مخارج أفعاله فاعمل بها، ثم اذهب إلى المغرب. فخرج حتى انتهى إلى أبى القاسم، فأنزله وأكرمه، وأقام عنده من وقت انصراف الحاجّ من مكة إلى اليمن إلى وقت خروجهم فى العام المقبل. فخرج أبو عبد الله مع الحاجّ إلى مكة.
فلما قضى الناس حجّهم واستقرّوا بمنى جعل الشّيعى يمشى بمنى وينظر إلى الناس، فمرّ بجماعة من كتامة وهم فى رحالهم، وكانوا من الشّيعة الّذين تشيّعوا بسبب الحلوانى وفيهم حريث الجيملى وموسى بن وجاد «١» فسمعهما الشيعىّ يذكران لأصحابهما فضائل على بن أبى طالب، رضى الله عنه.
فجلس إليهما وذكر من ذلك شيئا، وأقبل على القوم وحدّثهم طويلا، ثم نهض ليقوم فقاموا معه، ومشوا بمشيه، وعرفوا مكانه. ثم أتوا من الغد فأوسع لهم فى الحديث، فزادهم ذلك فيه رغبة، وعليه إقبالا. ثم صحبهم فى طول الطريق بعد انصرافهم من الحج إلى أن وصلوا إلى مصر، وهم يبالغون فى خدمته، ويرحلون برحيله، وينزلون بنزوله، وهو يسألهم عن بلادهم فى خلال ذلك، وعن طاعتهم لملوكهم، فيقولون ما علينا طاعة لهم، وهو لا يعرّض لهم بقصده ولا رغبته فى بلادهم. فلما أتوا مصر أظهر أنه يريد الإقامة بها، فتألّموا لفراقه، وقالوا ما الذى تقصد بمقامك مصر؟
قال: التعليم. فسألوه أن يصحبهم إلى بلادهم وأنهم يوجبون له على أنفسهم أجرة فى كلّ سنة، وما أوجب. ولم يجبهم إجابة كلّية؛ ورغبتهم كلّ يوم تزيد فيه، فأجابهم إلى الخروج معهم، ففرحوا بذلك واستبشروا، وجعلوا يزيدون فى برّه، ويقولون له: عندنا كثير من إخوانك ومن يذهب إلى